عن أصفهان

رغم انصرام القرون والتقلبات التاریخیة ظلت مدینة أصفهان کجوهرة حافظت علی تألقها ومجدها بین المدن الأخری فی إیران. هذه المدینة ذات بهجة ممتعة توحی بأنها رأت النور حدیثا، وهی أصیلة فکأن جذورها ضاربة فی عمق التاریخ. وتتلاءم ثقافتها الزاخرة وطبیعتها الخلابة حیث یبدو أنهما انعکاس لبعض. وبذلک تعدّ مدینة أصفهان من أبرز مظاهر الثقافة الإیرانیة الإسلامیة.

أصفهان: مدینة الفصول الأربعة
تقع مدینة أصفهان فی القسم المرکزی من إیران فی سهول تمتد موازیة لضفة نهر «زاینده‌رود». فهی تقع فی منطقة جبلیة نسبیا، فی هضبة إیران الوسطی حیث تضمّ سلسة جبال «زاغروس» المغطاة بالثلوج غربا باتجاه الصحراء الوسطی فی الشرق والشمال. لهذا الإقلیم ظروف مناخیة متنوعة لتوافر مناطق بارتفاعات مختلفة من سطح البحر.
ترتفع درجة الحرارة بانخفاض هطول الأمطار نتیجة الانخفاض عن مستوی سطح البحر من الغرب إلی الشرق. یهبُّ نسیمٌ فی جمیع أنحاء أصفهان فی الفصول الأربعة، ولا سیما الریاح الغربیة والریاح الجنوبیة الغربیة التی تهبُّ فی الربیع والخریف فی امتداد ضفة نهر «زاینده‌رود» وتضفی علی المدینة جوا منعشا. لهذه المدینة تغیرات موسمیة منتظمة، حیث یبدأ الربیع فی أواخر مارس فتزدهر الأشجار، ویبدأ الصیف فی یولیو، والخریف فی أواخر سبتمبر بتساقط الأوراق، وتلوح بوادر الشتاء فی أواخر دسمبر. ترتدی أصفهان حلة زاهیة من الجمال والروعة فی شهر مایو، حیث یهبُّ نسیم علی المدینة الملونة فیضفی علیها جوا منعشا، فتزداد بهجة وجمالا بضیاء خلاب. وهی تکون مشمسة تستقبل أشعة الشمس فیما یقرب من ثلاثة أرباع السنة.

أصفهان: متحف أثری
تعدّ مدینة أصفهان من المدن العالمیة التی لا مثیل لها بتاریخها العریق ومعالمها الأثریة العدیدة. وفقا لما صرّح به الفیلسوف والمفکر الفرانسوی "أندریه مالرو" أن أصفهان مدینة لا تضاهیها إلا «فلورنسا» و«بکین». تضم معالمها التاریخیة مجموعة من أفضل النماذج المتنوعة من العمارة الإیرانیة فیما یزید عن ألف سنة مضت. هذه التحف الفنیة التی تعتبر من روائع العمارة الإیرانیة بعد الإسلام تتمیز بمیزات عدیدة کما ونوعا. ویمکن فیها مشاهدة نماذج رائعة ومتنوعة من القباب، والقیشانی، والتجصیصات، والجداریات، ونماذج من روائع الخط والزخرفة. تکشف هذه المعالم الفنیة عن الاعتقاد الدینی الذی کان یدین به مبدعوها، وتسحر عیون الناظرین بطریقة بدیعة فکأنها یذهب بهم إلی زمن الفنان ومشاعره، فی عالم ملیء بالضوء والرقة والجمال.

أصفهان: مدینة الحضارة والفن
تشتهر أصفهان بأنها مدینة الصناعات الیدویة، والفنون التقلیدیة التی تمثّل دورا أساسیا فی صادرات إیران لا سیما إلی أوروبا. تعتبر الفنون التقلیدیة المعاصرة والصناعات الیدویة فی أصفهان امتدادا لفنون أبدعها الأساتذة البارعون فی العهد الصفوی، وتحظی بإعجاب هواة الفن وعشاقه من داخل إیران وخارجها، وتؤدی دورا أساسیا فی تنمیة الصادرات بأصفهان.
ومن أبرز هذه الصناعات وأهمها فن حیاکة السجاد، والحفر علی الخشب، ورسم المنمنمات، وتطعیم الخشب، وفن القیشانی، والتطریز الذهبی، والطبع علی القماش، والنقش بالمینا. وقد أبدع الفنانون المعاصرون فی رسم المنمنمات، وفن القیشانی، والحفر علی الخشب فی السنوات الأخیرة.
وکذلک تعتبر الموسیقی من الفنون التراثیة الإیرانیة فی هذه المدینة العریقة.

الطقس
تتمیز مدینة أصفهان بظروف مناخیة قاحلة وفصول أربعة. فهی تتسم بصیف حار وجاف من یونیو حتی أغسطس، وشتاء قارس البرودة من دیسمبر حتی فبرایر مع هطول الثلج فی بعض الأحیان. یعتبر الفصل الربیع والخریف الوقت الأنسب لزیارة المدینة حیث یکون الطقس مشمسا، ولطیفا، وملائما للتنزه والقیام بالأنشطة الأخری. رغم أن الأجواء فی المدینة شدیدة الحرارة وقارسة البرودة، إلا أن الهجمة الباردة لا تدوم بما یزید عن ثلاثة أشهر، کما أن الثلوج نادرا ما تغطی المدینة. وتمطر السماء عادة فی شهر مارس وأبریل وهذا قد یکون بسبب التبخر الناتج عن ذوبان الثلوج. فی الصیف تهب ریاح غربیة، فتبدأ بالهبوب حیث تغرب الشمس ویبرد الطقس مساء، فیلزم ارتداء معطف من الصوف. یبدأ الربیع فی شهر فبرایر ویصبح الطقس منعشا والمدینة تتمتع بجمال ساحر ومنظر أخاذ.